ماذا تعرف عن البلازما

عندما نفكر في حالات المادة، تتبادر إلى أذهاننا الحالات الثلاث الشهيرة: الصلبة، والسائلة، والغازية. لكن هناك حالة رابعة، أقل شهرة ولكنها الأكثر شيوعاً في الكون، وهي البلازما. إنها الحالة التي تتكون منها الشمس والنجوم، والبرق، والشفق القطبي، وحتى أضواء النيون.

فما هي البلازما بالضبط؟ وكيف تتشكل؟ وما هي أنواعها المختلفة؟

ما هو مفهوم البلازما؟

البلازما هي ببساطة غاز متأين، وهو وسط موصل للكهرباء يحتوي على أعداد متساوية تقريباً من الجسيمات موجبة الشحنة (الأيونات) وسالبة الشحنة (الإلكترونات).

تتشكل البلازما عندما يتم تزويد الغاز بكمية هائلة من الطاقة (مثل الحرارة الشديدة)، مما يؤدي إلى "انتزاع" الإلكترونات من مداراتها حول أنوية الذرات. النتيجة هي خليط يشبه "حساء" من الأيونات الحرة والإلكترونات الحرة.

ما يميز البلازما عن الغاز العادي هو تأثرها الشديد بالقوى الكهرومغناطيسية. هذه القوى بعيدة المدى تجعل جسيمات البلازما تتصرف بشكل جماعي، مثل سائل، حتى لو كانت هذه الجسيمات نادراً ما تصطدم ببعضها البعض.

كيف يتم إنتاج البلازما؟

• في الطبيعة: تحدث عملية التأين بشكل أساسي عبر التأين الضوئي (Photoionization)، حيث تقوم الفوتونات عالية الطاقة القادمة من الشمس والنجوم بانتزاع الإلكترونات من ذرات الغاز في الفضاء.

• في المختبر: يمكن إنتاج البلازما عن طريق تسخين الغاز إلى درجات حرارة فائقة، أو بتعريضه لمجال كهرومغناطيسي قوي (كما يحدث في مصابيح الفلورسنت وأجهزة تلفزيون البلازما).

تصنيفات البلازما: من الساخنة إلى شديدة البرودة

يمكن تصنيف البلازما بناءً على درجة حرارتها ودرجة تأينها:

في هذا النوع، تكون درجة حرارة الإلكترونات والأيونات والجسيمات المحايدة متساوية تقريباً، وتكون في حالة توازن حراري. تحدث هذه الحالة في بيئات الضغط العالي والحرارة الشديدة.

• أمثلة: قلب الشمس والنجوم، أقواس اللحام الكهربائي، وتجارب الاندماج النووي.

• الخصائص: تكون مؤينة بالكامل تقريباً.

في هذا النوع، تكون الإلكترونات "ساخنة" جداً (تمتلك طاقة عالية)، بينما تظل الأيونات والجسيمات المحايدة "باردة" نسبياً (قريبة من درجة حرارة الغرفة). تحدث هذه الحالة في بيئات الضغط المنخفض.

• أمثلة: مصابيح الفلورسنت والنيون، الشفق القطبي، وتطبيقات تعقيم الأدوات الطبية.

• الخصائص: تكون مؤينة جزئياً فقط (جزء صغير من الذرات يفقد إلكتروناته).

هي حالة خاصة من البلازما يتم إنشاؤها في المختبر عند درجات حرارة منخفضة جداً (قريبة من الصفر المطلق) عن طريق تأيين ذرات تم تبريدها بالليزر.

النظرية الحركية للبلازما

لفهم سلوك البلازما المعقد، يعتمد الفيزيائيون على النظرية الحركية (Kinetic Theory). تنص هذه النظرية على أن البلازما، مثل الغاز، تتكون من جسيمات في حركة عشوائية. لكن على عكس الغاز العادي الذي تحكمه الاصطدامات المباشرة، فإن تفاعلات جسيمات البلازما تحكمها القوى الكهرومغناطيسية بعيدة المدى بالإضافة إلى الاصطدامات.

مفاهيم أساسية في فيزياء البلازما

• درجة التأين: هي نسبة الذرات المتأينة إلى العدد الكلي للذرات في البلازما.

• البلازما المثالية: هي بلازما منخفضة الكثافة تكون فيها التفاعلات الكهرومغناطيسية بين الجسيمات ضعيفة مقارنة بطاقتها الحركية.

• البلازما غير المثالية: هي بلازما عالية الكثافة تصبح فيها التفاعلات الكهرومغناطيسية بين الجسيمات قوية ومؤثرة بشكل كبير على سلوكها.

تطور فيزياء البلازما

على الرغم من أن ظاهرة البلازما معروفة منذ القرن الثامن عشر، إلا أن مفهومها الحديث لم يتبلور إلا في خمسينيات القرن العشرين. وقد ساهم في تطور هذا العلم مجالات متعددة مثل دراسات التفريغ الكهربائي، والديناميكا المائية المغناطيسية، والنظرية الحركية للغازات.

وقد أدى استكشاف الفضاء، والبحث عن مصادر طاقة نظيفة عبر الاندماج النووي، وتطوير الإلكترونيات، إلى تسريع وتيرة الأبحاث في هذا المجال المثير الذي لا يزال يخفي الكثير من الأسرار.